-->

2016/10/25

س & ج حول ألفية ابن مالك (4) المعرب والمبني

الْمُعْرَبُ، والْمَبْنِيُّ
سَبَبُ بناءِ الاسمِ:
قال الشيخ ابن مالك رحمه الله:
وَالاسْمُ مِنْهُ مُعْـرَبٌ وَمَبْنِى     لِشَبَهٍ مِنَ الْحُـرُوفِ مُدْنِي
س1- ما أقسام الاسم باعتبار الإعراب، والبناء؟
ج1- ينقسم إلى قسمين:
1- مُعْرَب، وهو: ما سَلِم من شَبَهِ الحروف، وتغيَّرت حركة آخره بسبب العوامل الداخلة عليه.
2- مَبْنِيّ، وهو: ما أشبه الحرف، ولم تتغيرّ حركة آخره، وإن تغيّرت العوامل الداخلة عليه.
س2- ما عِلَّة بناء الاسم؟
ج2- هذا السؤال مبني على قاعدة مُهِمَّة هي: أنَّ ما جاء على أصله لا يُسأل عن عِلَّتِه، وأنَّ ما جاء على غير أصله يُسأل عن علَّة مجيئه على غير الأصل، فالأصل في الاسم الإعراب؛ لذلك يُسأل لم بُني مع أنّ أصله الإعراب؟ والجواب على ذلك هو: مشابهته الحرف شبهاً قويًّا يقربُّه منه.
س3- هل علّة البناء ترجع إلى سبب واحد، أو أكثر؟
ج3- اختلف النحاة في هذه المسألة، فذهب جماعة إلى أن سبب البناء منحصر
في شبه الحرف، ومنهم ابن مالك، وابن جني، وسيبويه، وأبو علي الفارسي، وهذا الأخير يرى أن سبب بناء الاسم منحصر في شبه الحرف، أو ما تَضَمّن معناه. وذهب آخرون إلى أنّ السَّبب مُتعدد، وذلك على النحو الآتي:
1- مشابهة الاسم في المعنى للفعل المبني، كاسم فعل الأمر، واسم الفعل الماضي، نحو: نَزالِ، وهيهات، فهما مبنيان؛ لأنهما أشبها في المعنى الفعلين "اِنْزِلْ ، وبَعُدَ"، ورُدَّ على هذا السبب بأنه لو كان صحيحا لَلَزِم بناء المصدر النائب عن فعله، كصبرًا، وضربًا؛ لأنهما بمعنى الأمر (اصبْر، واضربْ) ولَلَزِمَ كذلك إعراب اسم الفعل المضارع، نحو: أفّ، وآهِ؛ لأنهما بمعنى المضارع المعرب ( أتضجَّر ، وأتوجَّع ).
2- عدم التركيب؛ وبناء على هذا السبب تكون الأسماء قبل تركيبها في الجمل مبنيّة، وهذا رأي غير سديد؛ لأنك لا تستطيع الحكم على كلمة ما، أ مبنية هي أم معربة؟ إلا بعد تركيبها في جملة، فمثلاً كلمة (محمد) أمعربة هي أم مبنية؟ لا يجوز الحكم عليها إلا بعد تركيبها في جملة، فإذا قلت: جاء محمدٌ، ورأيت محمدًا، فهي معربة؛ لتغيّر آخرها بسبب العوامل، وهذا هو الإعراب. وإذا قلت: يا محمدُ، فهي مبنية؛ للزوم آخرها الضم، وهذا هو البناء.
3- أن يجتمع في الاسم ثلاث علل من موانع الصرف، نحو: الأعلام المؤنثة التي على وزن فَعَالِ، كحَذَامِ، وفَطَامِ، قالوا هذه الأسماء مبنية لاجتماع ثلاث علل مانعة من الصرف هي: العلمية، والتأنيث، والعَدْل، فهي معدولة عن حَاذِمة، وفاطِمة. ويَرُدُّ هذا الادِّعَاءَ اجتماعُ خمسِ عِلَلٍ من موانع الصرف في اسم واحد ومع ذلك هو معرب، نحو (آذربيجان) فإن فيه العلمية، والتأنيث، والعجمة، والتركيب، وزيادة الألف والنون.
مواضعُ شبهِ الاسمِ بالحرفِ:
قال الشيخ ابن مالك:
كَالشَّبَهِ الوَضْعِىَّ فى اسْمَىْ جِئْتَنَا    وَالْمَعْنَـوِيِّ فى مَتَى وفى هُـنَا
وَكَـــــــنِيَابَـةٍ  عَـــنِ الْـفِـعْـــــــــلِ بِـــــــــــلاَ      تـَــأَثُّـــرٍ وَكَـــــــ  افْــتِـــقَـــــارٍ أُصِّـــــلاَ
س4- اذكر مواضع شبه الاسم بالحرف.
ج4- يشبه الاسم الحرف في أربعة مواضع:
1- شبه في الوضع، كأن يكون الاسم موضوعاً على حرف واحد، كالتاء في: ضربت، وجئتنا، فهو بذلك يُشبه حرف الجر (الباء)، ولامه، وكافه، وفاء العطف، وواوه، وهمزة الاستفهام.
أو يكون موضوعاً على حرفين، كالضمير (نا) في: جئتنا، فهو بذلك يُشبه هل الاستفهامية، وقد، وما، ولا النافيتين. وهذا هو الأصل في وضع الحرف، إما أن يكون على حرف، أو على حرفين، والأصل في الاسم أن يكون موضوعاً على ثلاثة أحرف فأكثر، فلما خرج الاسم عن أصله، وأشبه الحرف أُعطيَ حكم الحرف وهو  البناء.                                                                                                                                                             
ولكنَّك تجد بعض الحروف خرجت عن أصلها، وأشبهت الاسم في وضعها على ثلاثة أحرف، نحو: إنّ وأخواتها، وإلاَّ، وثُمَّ، ومع ذلك لم تُعط حكم الاسم وهو الإعراب، وذلك راجع لسببين:
أ - أنَّ الحرف أشبه الاسم في شيء لا يخصه وحده، فإن الفعل أيضاً يكون على ثلاثة أحرف، أما الاسم فقد أشبه الحرف في شيء يخصّه وحده.
ب- أن الحرف لا محل له من الإعراب، ولا يحتاج إلى الإعراب؛ لأنه لا يقع في مواقع متعددة من التراكيب فلا يتميز بعضها عن بعض بغير الإعراب؛ بمعنى أنه لا يكون فاعلاً، ولا مفعولاً، ولا مبتدأ، ولا خبرًا، ولا حالاً … إلخ.
2- شبه في المعنى، وهو نوعان:
أ- ما أشبه حرفاً موجودًا.
ب- ما أشبه حرفاً غير موجود.
فالأول، نحو: متى الاستفهامية، في قولك: متى جئت؟ فإنها مبنية؛ لأنها أشبهت في المعنى الحرف الموضوع للاستفهام، وهو (الهمزة)، وتُشبه (إنْ) في معنى الشرط إذا استعملت للشرط، نحو: متى تقُمْ أَقُمْ.
والثاني، نحو: اسم الإشارة (هنا) فهو مبني؛ لأنه يشبه حرفاً كان ينبغي أن تضعه العرب، ولكنهالم تضع؛ وذلك لأن الإشارة معنى من المعاني، فحقها أن يوضع لها حرف يدلّ عليها، كما وضعوا للنفي حرفاً وهو (ما) وللنهي (لا) وللتمني (ليت) وللترجِّي (لعل) وبذلك تكون أسماء الإشارة مبنية؛ لشبهها في المعنى حرفاً مُقَدَّراً.
لكن ابن الفلاح نقل عن أبي علي الفارسي أن أسماء الإشارة مبنية؛ لأنها من جهة المعنى أشبهت حرفاً موجودًا هو (أل العهدية) فإنها تشير إلى معهود بين المتكلم والمخاطب، ولم يَرتضِ المحققون ذلك؛ لأن الإشارة في لفظ (هنا) ونحوها حِسِّيَّة، وفي أل العهدية ذهنيّة.
ومن الأسماء المبينة التي أشبهت الحروف في المعنى  ولم تضع له العرب حرفاً (لَدَى) فهي دالّة على الملاصقة والقرب زيادة على الظرفية، والملاصقة والقرب من المعاني التي لم تضع لها العرب حرفا. ومنها (ما) التعجبية، فإنها دالة على التعجب، والتعجب من المعاني التي لم تضع لها العرب حرفاً.
3- شبه في النيابة عن الفعل، وعدم التأثر بالعامل، كأسماء الأفعال، نحو: دَرَاكِ زيدًا. فاسم الفعل (دراكِ) مبني لشبهه الحرفين (ليت، ولعلّ) فهما نائبان عن الفعلين (أتمنّى، وأترجَّى) ويعملان  النصب في المبتدأ، ولا تدخل عليهما العوامل فتؤثر فيهما، وكذلك فإن أسماء الأفعال، نحو: آهِ، وصَهٍ، ودَرَاكِ، تنوب عن الأفعال: أَتَوَجَّعُ، واسْكُتْ، وأَدْرِكْ، وهي تعمل فيما بعدها، ولا تدخل عليها العوامل فتؤثر فيها؛ ولذلك هي مبنيّة.
وليس منها المصدر النائب عن فعله، نحو: ضَرْبًا زيدًا، فإنه نائب عن الفعل (اضْرِبْ) ولكنه ليس مبنيا؛ لأن العوامل تدخل عليه فتؤثر فيه، تقول: آلمني ضربُك (بالرفع)، وعجبت من شدَّة ضربِك (بالجر).
وأما ضرباً، فهو منصوب بالفعل المحذوف.
4- شبه في الافتقار المتأصِّل إلى جملة، كالأسماء الموصولة، وإذ، وإذا، وحيث … إلخ فإنها مفتقرة إلى الجملة افتقارًا متأصِّلاً، فإذا قلت:
جاء الذي … فلا معنى لها إلا بذكر الصّلة، نحو: جاء الذي علّمني، وبذلك تكون قد أشبهت الحرف الذي لا يظهر معناه إلا في الجملة.
س5- "اسم الفعل لا تدخل عليه العوامل فتؤثر فيه" علام بني هذا القول؟ واذكر خلاف العلماء فيه.
ج5- إنّ القول بأن اسم الفعل لا تدخل عليه العوامل فتؤثر فيه مبنيّ على أن أسماء الأفعال لا محل لها من الإعراب، وهذه المسألة محل خلاف بين العلماء، وذلك على ثلاثة أقوال:
أ- أنها لا محل لها من الإعراب. وهذا مذهب الأخفش، واختاره ابن مالك.
ب- أنها في محل نصب مفعول مطلق  لفعل محذوف، وذلك على اعتبار أنها نائبة عن المصدر. وهذا مذهب المازني.
ج- أنها في محل رفع بالابتداء، وما بعدها فاعل سد مسدّ الخبر، والعامل معنوي. وهذا مذهب سيبويه.
س6- هل يجتمع في اسم مبني واحد شبهان فأكثر؟
ج6- نعم. قد يجتمع في اسم  مبني واحد شبهان فأكثر، كالضمائر، فإن فيها شبهاً معنوياً؛ لأن التكلّم، والخطاب، والغيبة من المعاني التي تَتَأدَّى بالحروف. وفيها شبه افتقاري؛ لأن كل ضمير يفتقر افتقارًا متأصّلاً إلى ما يُفسِّره.
وفيها شبه وضعي، فإنَّ أغلب الضمائر وُضِع على حرف أو حرفين.
س7- من أسباب بناء الاسم الافتقار المتأصل، فهل هناك افتقار غيرمتأصل؟
ج7- نعم. هناك افتقار غير مُتَأَصِّلٍ، يُسمى الافتقار العارض، نحو:كلمة (يوم) وما شابهها فهي مفتقرة إلى المضاف إليه،كما في قوله تعالى: "هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقيِنَ صِدْقُهُم" ولكن هذا الافتقار عارض؛ لأنك تستطيع أن تقول: صمت يومًا، ولا تحتاج إلى إضافة، وبذلك تكون كلمة (يوم) معربة لا مبنية. وكذلك يكون الاسم معربا إذا افتقر افتقارًا متأصلاً إلى مفرد، نحو:
(سبحان، وعند) وما شابههما، فهما مفتقران أصالة إلى المضاف إليه، لكن ليس إلى جملة بل إلى مفرد.
س8- زاد ابن مالك نوعين آخرين من الشبه، فما هما؟
ج8- زاد ابن مالك نوعا خامسًا سماه الشبه الإهمالي، وفسّره بأنّ: الاسم يشبه الحرف في كونه لا عاملاً، ولا معمولاً، وَمثَّل له بأوائل السور، نحو: الم~، ق~، ص~. وهذا القول مبني على أن فواتح السور لا محل لها من الإعراب؛ لأنها من المتشابه الذي لا يُدرك معناه. وجعل بعضهم من هذا النوع الأسماء قبل التركيب، وأسماء الهجاء المسرودة كألف، باء، تاء … إلخ
وأسماء العدد المسرودة نحو: واحد، اثنان، ثلاثة.. إلخ.
 وزاد نوعاً سادسًا سماه الشبه اللفظي، وهو: أن يكون لفظ الاسم كلفظ حرف من حروف المعاني وذلك مثل (حاشا) الاسمية ، فإنها أشبهت حاشا الحرفية (حرف جر) في اللفظ. فحاشا الاسمية، نحو قوله تعالى: "حَاشَا لله مَا هَذَا بَشَرًا"  فتعرب (حاشا) مفعولاً مطلقاً نائباً عن الفعل.
وحاشا الحرفية، نحو: سافر الطلاب حاشا زيدٍ.
س9- الأسماء كلها معربة ماعدا أسماء معينة فهي مبنية، اذكر هذه الأسماء المبنية.
ج9- الأسماء المبنية، هي:
1- الضمائر .        
 2- أسماء الشرط ما عدا (أيّ) فهي معربة.
3- أسماء الاستفهام ما عدا ( أيّ ) فهي معربة .
4- أسماء الإشارة ما عدا (المثنى) منها فهو معرب.
5- الأسماء الموصولة ما عدا (المثنى) منها فهو معرب.
6- أسماء الأفعال.
7- بعض الظروف، نحو: إذا، وإذ، والآنَ، وقَطُّ، وبينما، وحيث، وأين، وأمسِ في لغة الحجازيين، وقبل، وبعد (إذا حُذف المضاف إليه ونُوِي ثبوت معناه دون لفظه) كما في قوله تعالى: "للهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ"
8- الأعداد المركبة من أحد عشر حتى تسعة عشر ماعدا (اثني عشر) فالجزء الأول منه معرب، والثاني مبني.
9- الأعلام المختومة بـ (وَيْهِ)،كـــ سيبويه، وقيل: إنها معربة إعراب الممنوع من الصرف.
10- الأعلام المؤنثة التي على وزن فَعَالِ، كحَذَامِ في لغة الحجازيين مطلقاً.
11- اسم لا النافية للجنس المفرد، نحو: لا طالبَ في الفصل.
12- المنادى المفرد العلم، نحو: يا محمدُ.
13- النكرة المقصودة بالنداء، نحو: يا رجلُ.
 والأنواع الثلاثة الأخيرة بناؤها عارض يزول بزوال السبب، فإذا لم تكن كلمة (طالب) اسما لـ (لا النافية للجنس) فهي معربة، وكذلك الباقي.

مع تحيات/ 





تعليقات فيسبوك
0 تعليقات بلوجر

No comments:

Post a Comment

إتصل بنا

الإسم الكريم البريد الإلكتروني مهم الرسالة مهم
كافة الحقوق محفوظةلـ Arabic For You 2016
تصميم: حميد بناصر