حروف الخفض
بعد أن تحدث المصنف رحمه الله تعالى عن علامات الاسم ومنها الخفض ذكر حروف الجر فقال :
"وحروف الخفض هي: مِن، إلى، عن، على، في، رُبَّ، الباء، الكاف، اللام، وحروف القَسَمِ وهي: الواو، الباء، التاء."
الشرح:
ذكرنا قبل ذلك أن الشيخ ابن آجروم رحمه الله استخدم لفظ (الخفض) ليعبر به عن (الجر) وحروف الخفض أو الجر هي :
أولا: (مِن) ولها عدة معانٍ منها:-
- (الابتداء) تقول : سافرت من القاهرة. وكذلك قول الله تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى "
- (التبعيض) تقول: شربت من النيل. أي: شربت بعض ماء النيل.
- (البيان) كقوله تعالى: "فاجتنبوا الرجس من الأوثان" وقول نبينا صلى الله عليه وسلم: "إن عِفريتًا من الجن ..." فـ (مِن) هنا بيانية .
ثانيًا : (إلى) وتكون للانتهاء: انظر إلى قوله تعالى: "من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى "
ثالثًا: (عَنْ) وتفيد :
أ - المجاوزة، تقول: عدلت عن الطريق. أي تركته وجاوزته .
ب – أن تكون بمعنى (بَعْد): قال تعالى: "لتركبُنَّ طبقَا عن طبق" أي أن الإنسان ينتقل من حالٍ إلى حال، من ضعف إلى قوة إلى هِرَم إلى الموت إلى البعث إلى الحساب وهكذا؛ ويُقال: الخطاب للنبي وقُرِئَ هكذا: "لتركبَنَّ طبقًا عن طبق" أي تنتقل من سماء إلى سماء وذلك في ليلة المعراج ولذلك قال علماؤنا: أرسله الله تعالى إلى أهل الأرض ليعلم الناس العبادة وعُرِجَ بحضرته إلى السماوات العلا ليعلم الملائكة آداب العبادة قال تعالى: "ما زاغ البصر وما طغى "
رابعًا: (على) وتفيد الاستعلاء، تقول: صليت على السطح. أي فوق السطح .
خامسًا: (في) وتفيد الظرفية، تقول: اللبَن في الكوب. فهنا اللبَن يسمى مظروفًا والكوب يسمى ظرفًا .
سادسًا: (رُبَّ) وَتَكُون مُصَدَّرَة أي في صدر الكلام وبدايته ولا تجر إلا النكرة. تقول: رُبَّ رجلٍ كريمٍ جاءنا. و رُبَّ ضارَّةٍ نافعة.
سابعًا: (الباء) ومن معانيها:
- التعدية، أي تُعَدِّي الفعل بعد أن كان قاصرًا ولازمًا تُعَدِّيه إلى المفعول به. كقوله تعالى: "ذهب الله بنورهم"
- الاستعانة، تقول: كتبت بالقلم. أي مستعينًا بالقلم .
ثامنًا: (الكاف)، وتفيد التشبيه كقوله تعالى: "وله الجوارِ المنشآت في البحر كالأعلام "
فالجواري (وهي السفن) مشبه، والأعلام (وهي الجبال) مشبه به والكاف أداة التشبيه ووجه الشبه هو الضخامة .
تاسعًا: (اللام) وتكون للمِلْكِ، تقول : المال لزيدٍ .
وتكون للاختصاص مثل : الحصير للمسجد.
وتكون أيضًا للاستحقاق : كقوله تعالى: "الحمد لله رب العالمين.
- بعد ذلك تحدث الشيخ عن نوع آخر من حروف الخفض وهو حروف القَسَم وهي: الواو، والباء، والتاء.
أولًا: (الواو) تقول: واللهِ...
ولله تعالى أن يقسم بما شاء من مخلوقاته كما قال تعالى:
" والنجم إذا هوى "
" والتين والزيتون "
فأقسم الله سبحانه وتعالى بهذه المخلوقات لأنها بها أدلة قوية على عظيم قدرته وعلى بديع حكمته .
أقسم الله بالتين وهي الفاكهة المعروفة ويعجبني هذه الأبيات حيث يقول القائل :
التين يعدل عندي كل فاكهةٍ .. إذا انثنى مائلًا في غصنه الزاهي
مُخَمَّش الوجه قد سالت حلاوته .. كأنه راكعٌ من خشية اللهِ
ثانيًا: (الباء) تقول: بالله، بك ... وباء القسم تجر الاسم الظاهر وتجر الضمير فيصح مع الباء أن يُقْسَم بالاسم الظاهر مثل "بالله" أو يُقْسَم بالضمير مثل "بك "
ثالثًا: (التاء) وقد ورد ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: "قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف "
وإلى اللقاء في الدرس القادم إن شاء الله